الاثنين، 11 أغسطس 2014



بعد الضربة الموجعة التي سددها تنظيم القاعدة الارهابي منذ انشائه على يد خبراء وكالة المخابرات المركزية الامريكية "C I A" ثمانينات القرن الماضي حتى الآن لللاسلام كدين يدعو الى الايمان بالله بالتي هي أحسن ويستهدف سعاد البشرية ورفع الظلم والرفع من قيمة الانسان بغض النظر عن لونه وجنسه وعقيدته، خرجت علينا "C I A" باختراع جديد اسمه "دولة الاسلام في العراق والشام" المعروف اختصارا بـ"داعش" ليضيف للدين الاسلامي ضربة أخرى قاصمة تمزق ما تبقى من النسيج الحضاري الانساني الذي اسسه العرب مع اتباع الدينات الاخرى خلال إدارتهم للمنطقة المعروفة الآن بالشرق الاوسط، والتي اعتمدت على فهم عميق للاسلام كدين يدعو للايمان بالله بالتي هي احسن ويؤكد على أن الله هو الهادي وان المسلم لا يتجازو دوره مهمة الدعوة للدين دون ركون للعنف او التهديد به لهداية غير المسلمين للدخول في الاسلام..

ما تنفذه عصابات داعش من جرائم هذه الايام في حق اتباع الديانات المسيحية والازيدية والصابئة وغيرها من المذاهب والطوائف العراقية التي تشكل بوجودها ضمن اغلبية مسلمة لوحة رائعة تجسد الاديان كرسالة الهية تدعو للتعايش السلمي والمحبة وفعل الخير ، هذه التصرفات الهمجية البربرية التي تدمي القلوب، تمثل امتدادا للمشروع الارهابي الذي بداه تنظيم القاعدة في افغانستان وفي اوروبا والقارة الامريكية ، لزرع صورة عن الاسلام كدين يدعو للقتل والارهاب والكراهية والاكراه وقمع المرأة في وعي شعوب العالم، ويشكل تركيز الميديا العالمية وعلى راسها امبراطوريات الاعلام التي يسيطر عليها اباطرة امريكيين وصهاينة على هذه الظاهرة الارهابية المتدثرة بالاسلام وتضخيمها سوى خطوة على مشروع تحويلها الى عنوان رئيس للاسلام ، الى جانب ما تحققه هذه العصابات من فوضى واضطراب على الارض يسهم في تعميق أزمة المنطقة ويمهدة لإعادة تقسيمها على أسس جديدة تخدم المصالح الغربية وتعيق شعوبها عن النهوض والتاسيس لدول حقيقية تنقلها من حالة الاضطراب الى حالة الاستقرار الحقيقي المؤسس على مؤسسات ديمقراطية راسخة.


ما نرصده كل يوم ومنذ اسابيع من مشاهد مرعبة واخبار صادمة حد الذهول لما يتعرض له مسيحيو العراق وسوريا وبقية الاقليات الدينية والمذهبية في منطقة الهلال الخصيب، لا يمكن ان يكون له علاقة بالاسلام كدين انساني أسس لحضارة انسانية لا ينكرها إلا الجاحد، حققت تعايشا سلميا وتآزرا قل نظيره في تلك الحقبة بين شعوب وأعراق وديانات وثقافات متعددة استطاعت في ظل تطبيق صحيح ومنفتح للاسلام ان تحافظ على خصوصيتها وان تساهم بفاعلية في انجاز المشروع الحضاري للدولة الاسلامية التي امتدت من اقصى شرق اسيا الى اقصى غرب افريقيا وبلغ شعاعها اوربا . ما يجري في الموصل وغيرها من مدن العراق وسوريا من قتل وتهجير وترهيبعلى اتباع الديانات والمذاهب غير الاسلامية واعتداء على دور العبادة هو في الواقع اعتداء على واحدة من القيم والمبدائ المهمة للاسلام الذي ظهر في هذه المنطقة قبل اربعة عشر قرنا ولم تتعرض خلالها هذه الطوائف لأي نوع مما يجري لها اليوم على يد هذا التنظيم التخريبي الارهابي المعادي للاسلام والمدمر لقيمه النبيلة القائمة على الدعوة بالتي هي احسن واحترام خيارات الانسان.
في ظل ظاهرة داعش الارهابية المرعبة وما ستفرخه من تنظيمات اكثر تطرفا كما عهدناه في تنظيم القاعدة سيتحول الاسلام في وعي المتلقي عبرالعالم لسيل الاخبار الهائل الذي تنشدط امبراطوريات الاعلام الغربية والصهيونية في تضخيمه والباسه للاسلام كدين والمسلمين كأتباع له ، وفي غياب مؤسسات اسلامية متنورة فاعلة تقدم قراءة معاصرة للاسلام وتعمل على تجسيدها في حياة الناس ، سيتحول هذا الدين الى ظاهرة ارهابية معادية للانسان ، تدعو لسفك دماء غير المسلمين وتسترق النساء وتقتل الاطفال، لن تفلح مؤسسات الاعلام البدائية المنافحة عن الاسلام بعقل متفتح متنور في تصحيحها ، لأن الواقع على الارض لا يمكن فهمه الى على انه تجسيد لتلك الصورة السيئة للاسلام. وهكذا يشكل ظهور "داعش " ضربة أخرى قاصمة للاسلام لن يشفى من تبعاتها وآثارها على مدى عقود ، بل قد تؤدي الى تراجعه حتى في ساحته أمام نشاط المؤسسات التبشيرية المسيحية التي تغزوا العالم الاسلامي منذ عقود.


0 التعليقات:

إرسال تعليق

المواضيع الأكثر قراءة

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

مشتركون في المدونة

أقسام المدونة

الاستمارة

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تعليقات جديدة